لقد أقر علماء المسلمين أن من شروط قبول الأعمال عند الله عز وجل شرطان أساسيان وهما :
فالعبادات عامة، ومنها الزكاة، وزكاة الفطر، يجب أن يتحقق فيهما هذان الشرطان لتكون مقبولة عند الله عز وجل. وإخراج الزكاة طهرة لأموال المسلم وقربة إلى الله تعالى يزداد بها ومجتمعه بركة وصلاحا وهي عنصر هام لزيادة التواد والتكافل بين أفراد المجتمع.
الزكاة لغة : لها عدة معاني منها الزيادة والنماء يقال زكا الزرع أي زاد ونما ومن معانيها أيضا التطهير ويدل عليه قوله تعالى (( خد من أمواله صدقة تطرهم وتزكيهم بها )).
وشرعا : عرفها المالكية بأنها : إخراج جزء مخصوص من مالٍ مخصوص بلغ نصاباً ، لمستحقه ، إن تم الملك ، والحول.
المراد بالنقذين (( الذهب والفضة )) لقوله تعالى ((وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) والزكاة فيهما واجبة سواء كانت دراهم من الفضة ودنانير من الذهب ، أو كانت حلياً يستعمل وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء أعني مسألة الحلي الذي يستعمل. فنصاب الذهب عشرون مثقالاً ، والمثقال أربعة جرامات وربع جرام - أي ما يعادل خمسة وثمانين جراماً (( 85 )) جم. و أما الفضة فنصابها بالوزن خمس أواق وخمس أواق تساوي مائتي درهم بالاتفاق وهي تساوي ما يعادل خمسمائة وخمسة وتسعون جراماً (595) والقدر الواجب إخراجه فيهما هو ربع العشر أي : %2.5 ومادون هذا فلا زكاة فيه. والقول الراجح من أقوال أهل العلم ، أن الذهب لا يضم إلى الفضة في تكميل النصاب، لأنهما جنسان مختلفان. ويلحق بالذهب والفضة ما جعل بدلاً عنهما في كونه نقداً يتعامل به ، كالأوراق النقدية المعروفة بين الناس اليوم.
تجب الزكاة في الخارج من الأرض من الحبوب والثمار ، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر"، "(135) ، فتجب الزكاة في الخارج من الأرض من الحبوب كالبر والذرة ، والأرز وغيرها. ومن الثمار : كالنخيل والأعناب يحصل منها الزبيب. وذهب علماء المالكية إلى وجوب الزكاة في كل ما يقتات ويدخر أي ما يتخذه الناس قوتا يعيشون به فلا زكاة عندهم في اللوز والفستق والجوز ونحوه لأنه لا ليس مما يقتاته الناس زكذبك لا زكاة في التفاح والخوخ ونحوه لأنه ليس مما يدخر.
بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر وتشمل الجوا ميس والغنم وتشمل الماعز والضأن والله سبحانه أمرنا بأن نقوم بواجب شكره تعالى وأبرز مظاهر شكره جل وعلا على هذه النعمة إخراج الزكاة التي أوجبها فيها والتي بينت السنة النبوية المطهرة مقاديرها وحددت أنصبتها، قال صلى الله عليه وسلم: (ما من رجل تكون له إبل، أو بقر، أو غنم لا يؤدي حقها، إلا أتى بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه، تطؤه بأخفافها، وتنطحه بقرونها، كلما جازت أخراها، ردت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس) رواه البخاري.
ذهب مالك رحمه الله إلى وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام مطلقا سائمة وغير سائمة ، واستدل على ذلك بأنه ورد في بعض الأحاديث لفظ الإبل مطلقاً ولم يقيد بالسائمة ، كما في كتاب أبي بكر لأنس رضي الله عنهما : ( فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا في كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ ). وذهب جمهور أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد إلى أن الزكاة لا تجب في بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) إلا إذا كانت سائمة ( أي ترعى النباتات البرية ، ولا يعلفها صاحبها ) ، فإن كانت تُعلف فلا زكاة فيها. عن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عن أَبِيه عَنْ جَدِّه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ. . . الحديث ) . حسنه الشيخ الألباني رحمه الله قال ابن قدامة في "المغني"وَفِي ذِكْرِ السَّائِمَةِ احْتِرَازٌ مِنْ الْمَعْلُوفَةِ ، فَإِنَّهُ لا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ" وأجاب الجمهور عن استدلال المالكية بأن حديثهم مطلق ، والأحاديث الأخرى مقيدة بالسوم، والقاعدة في هذا أن يحمل المطلق على المقيد.
ثم في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة
وهكذا ما زاد على ذلك في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة وفي أربعين مسنة
وهكذا ما زاد عن ذلك ففي كل مائة شاة واحدة
تعامل الأنعام المعدة للتجارة معاملة عروض التجارة وتحسب زكاتها بالقيمة لا بعدد الرؤوس المملوكة ، لذا لا يشترط النصاب المذكور سالفا لوجوب الزكاة فيها فيضمها مالكها الى ما عنده من عروض التجارة والنقود ويخرج الزكاة عنها بنسبة ربع العشر (2.5%) متى ما استوفت شروط وجوب زكاة التجارة من بلوغ النصاب وحولان الحول.
وهو المال المعد للتجارة وسمي بذلك؛ لأنه لا يستقر، يعرض، ثم يزول فالعروض كل ما أعد للتجارة من أي نوع، ومن أي صنف كان. وهو أعم أموال الزكاة وأشملها؛ إذ إنه يدخل في العقارات والأراضي، وفي الأقمشة، وفي الأواني، وفي الحيوان، وفي كل شيء. والزكاة واجبة في عروض التجارة عند أكثر أهل العلم، وهو القول الصحيح المتعين، والدليل على ذلك دخولها في عموم قوله تعالى: {{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ *}} [الذاريات: 19] وقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ) وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ حين بعثه إلى اليمن: {أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم}. ويشترط لوجوب الزكاة في عروض التجارة ما يشترط في المال من الشروط وهي الإسلام والحرية والملك التام وبلوغ النصاب وحولان الحول وأن تشترى بقصد التجارة فلو كان عند الإنسان عقارات كثيرة ولكنه لا يبيعها ويشتري بدلها للتجارة وإنما أعدها للاستغلال فإنه لا زكاة في هذه العقارات ولو كثرت ي وقول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس على المؤمن في عبده ولا فرسه صدقة" يدل على أن ما اختصه الإنسان لنفسه من الأموال غير الزكوية ليس فيه صدقة ، أي ليس فيه زكاة وعروض التجارة في الوقت الحاضر تمثل أكثر الأموال التي تجب فيها الزكاة وهي تمثل المقدار الأعظم والأكبر في أموال الزكاة.
اذا حلّ موعد الزكاة ينبغي للتاجر المسلم أن يقَوّم ثروته التجارية بسعر السوق الحالي, والمراد بسعر السوق سعر بيعها وقت وجوب الزكاة ويضمها إلى ما لديه من نقود ويضيف إليها ما له من ديون مرجوة السداد، ثم يطرح منها الديون التي عليه لأشخاص أو جهات أخرى، ثم يزكي الباقي بنسبة ربع العشر (2.5%). أما الأصول الثابتة مثل الآلات والمباني والسيارات والمعدات, فلا تعد من مال التجارة التي تجب فيها الزكاة لأن الأصل فيه هو الاقتناء والاستعمال الشخصي بخلاف ما لو اشتراها بنية التجارة والربح.
أولا المعدن : -
المراد بالمعدن كل هنا الذهب والفضة ويشمل هذا الحكم كل الثروات المستخرجة من باطن الأرض سواء أن كانت جامدة أو سائلة ويشترط لزكاته ما يشترط في زكاة النقذين باستثناء مرور الحول فلا يشترط فيه ، فمتى ما توفرت هذه الشروط وجب إخراج الزكاة إذا بلغت النصاب وسواء أن كان ينقب منفردا أو جماعة أو في شركة فيخرج حصته يوم امتلاكها ومقدارها 2.5% أما عند الحنفية ومن وافقهم فمقدارها الخمس قياسا على الركاز. إذا تعددت المعادن فلا يضم ما يستخرج من معدن إلى معدن أخر ويعتبر كل معدن مستقلا بذاته ويزكى ما يستخرج منه زكاة مستقلة متى بلغ المستخرج نصابا.
ثانيا : الركاز :-
عرف الفقهاء الركاز بأنه دفن الجاهلية أي ما وجد مدفونا في باطن الأرض ويجب فيه الخمس لما رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( في الركاز الخمس )).
المصارف التي يجب أن تصرف فيها الزكاة ثمانية ، بيَّنها الله تعالى بياناً شافياً ، فقال عزوجل : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 . فهؤلاء ثمانية أصناف هم أهل الزكاة الذين تدفع إليهم. وإيضاح هذه الأصناف كالتالي:
إلى الأعلى
تابعونا على: